كييف تنتظر رد بوتين على دعوة زيلينسكي للقاء شخصياً في إسطنبول

كييف – (أ ف ب)
تجاهلت روسيا الإنذار الذي وجهه حلفاء كييف بشأن وقف إطلاق النار، حيث أطلقت أكثر من مئة مسيّرة ليلة الأحد على أوكرانيا، التي تنتظر رد الكرملين حول اقتراح الرئيس الأوكراني للقاء نظيره الروسي “شخصياً” الخميس في إسطنبول
وفي نهاية الأسبوع، طالبت كييف والدول الأوروبية الحليفة بوقف إطلاق نار “شامل وغير مشروط” لمدة ثلاثين يوماً اعتباراً من الاثنين، كشرط مسبق لعقد محادثات سلام مباشرة بين الجانبين في تركيا، كما اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
ورغم ذلك، لم ترد روسيا بعد على العرض الذي قدمه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للاجتماع “شخصياً” ببوتين، ولا على الإنذار بشأن وقف الأعمال القتالية لمدة شهر، بينما حضّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الطرفين على الاجتماع في أقرب وقت ممكن
واتهم وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا الروس بتجاهل مقترح كييف وحلفائها الأوروبيين “تماماً” ومواصلة “قصف المواقع الأوكرانية على امتداد خط الجبهة”
ومن المتوقع أن يجري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالاً بهذا الخصوص مع زيلينسكي و”الزملاء الأوروبيين” بعد ظهر الاثنين
كما حضّت تركيا الطرفين على الاجتماع “في أسرع وقت ممكن”
وأعلن سلاح الجو الأوكراني أن روسيا “شنّت هجوماً باستخدام 108 مسيّرات من نوع شاهد وأنواع أخرى” ليلة الأحد، حيث تم إسقاط 55 منها على الأقل
ولم يُعلن عن أي هجوم صاروخي، ويعتبر إحجام روسيا عن شن هذا النوع من الهجمات أمراً نادراً في النزاع المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات
وفي صباح الاثنين، أسفرت مسيّرة روسية عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بعد استهدافها مركبة تابعة لشركة خدمات في منطقة سومي (شمال شرق)، وفقاً للسلطات
وفي الجزء الذي تحتله روسيا في منطقة خيرسون (الجنوب)، أودت ضربات بمسيرات أوكرانية بحياة أربعة مدنيين في بلدة تشيلبوردا، وفق ما أفاد المسؤول المحلي المعين من موسكو فلاديمير سالتو
وفي منطقة دونيتسك الشرقية، أعلن الجيش الروسي سيطرته على بلدة كوتلياريفكا.

تطورات متسارعة

وعلى الصعيد الدبلوماسي، تسارعت وتيرة التطورات بشكل غير متوقع في الأيام الأخيرة، في وقت بدت فيه المفاوضات غير المباشرة التي أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متعثرة
وفي استعراض نادر لوحدة الصف الغربي يوم السبت، وجهت أوكرانيا والدول الأوروبية الحليفة بالتشاور مع الولايات المتحدة إنذاراً لروسيا بوقف إطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً، مع إمكانية فرض “عقوبات هائلة” على موسكو في حال رفضها الامتثال
ورغم ذلك، تجاهل الرئيس الروسي هذا الإنذار، مقترحاً بدوره مفاوضات “مباشرة” و”بلا شروط مسبقة” بين كييف وموسكو اعتباراً من الخميس في مدينة إسطنبول التركية
وستكون هذه المحادثات، في حال حدوثها، أولى المفاوضات المباشرة بين البلدين منذ الأشهر الأولى للنزاع في 2022، عندما عقد الطرفان سلسلة من الاجتماعات الثنائية في جزء منها في إسطنبول لم تفض إلى نتائج ملموسة
ورد الرئيس الأوكراني بدعوة نظيره الروسي للاجتماع “شخصياً” الخميس في إسطنبول، ولم يصدر بعد رد من الكرملين على هذه الدعوة
واشترطت كييف والدول الحليفة لها وقفاً لإطلاق النار لعقد هذه المفاوضات المباشرة
وقالت كبيرة المسؤولين عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الاثنين لدى وصولها إلى اجتماع في لندن لوزراء خارجية عدة بلدان أوروبية مخصص للحرب في أوكرانيا: “لا بدّ من وقف لإطلاق النار للخوض في مباحثات سلام”
ولم يصدر بعد أي رد من روسيا في هذا الخصوص، ولا يزال غير واضح ما إذا كان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يشترط وقفاً لإطلاق النار قبل توجهه إلى تركيا

الأسباب الجذرية للنزاع

ويبدو أن بوتين، الذي ما زال يطالب باستسلام أوكرانيا وتخليها عن فكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاعتراف بضم روسيا لمناطق أوكرانية، يقف موقفاً مختلفاً مدعوماً بالتقدم الذي يحرزه جيشه في الميدان
ولم يستبعد في مؤتمره الصحفي مناقشة فكرة وقف لإطلاق النار خلال المحادثات التي ينبغي أن تركز في نظره على “الأسباب الجذرية للنزاع”
ويطالب بوتين، بالإضافة إلى نيته “نزع السلاح” في أوكرانيا، بإعادة هيكلة البنية الأمنية في أوروبا، باعتبار أن اقتراب الناتو من الحدود الروسية يشكل تهديداً وجودياً لبلده
وقالت كايا كالاس الاثنين: “لا بدّ من ممارسة ضغوطات على روسيا”
واعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جانبه الأحد أن اللقاء في تركيا الخميس قد “يسمح على الأقل بمعرفة إن كان من الممكن التوصل إلى اتفاق، وإن لم يكن الأمر كذلك، ستعرف أوروبا والولايات المتحدة واقع الحال وستتحركان على هذا الأساس”
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو بوتين الاثنين إلى لقاء زيلينسكي، قائلاً خلال إحاطة إعلامية من غرب فرنسا: إن “الرئيس الأوكراني اقتنص الفرصة مباشرة وعرض الذهاب شخصياً إلى إسطنبول، وهذا ما ندعو إليه فلاديمير بوتين”
وحذر شتيفان كورنيليوس المتحدث باسم المستشار الألماني فريدريش ميرتس الاثنين خلال إحاطة إعلامية روسيا من أن “الوقت ينفد” لإقرار وقف إطلاق النار
أما الصين، الحليفة الوثيقة لروسيا، فقد أشادت من جهتها بالتطورات الأخيرة، معربة عن الأمل في التوصل إلى اتفاق سلام “مستدام وملزم” يكون “مقبولاً لكل الأطراف المعنية”