أدولف آيخمان الموظف العادي الذي خطط لإبادة الملايين.. ما هي قصته المثيرة؟

أدولف آيخمان الموظف العادي الذي خطط لإبادة الملايين.. ما هي قصته المثيرة؟

في خبايا أكثر الجرائم بشاعة في القرن العشرين، لم يكن أدولف آيخمان يرتدي الزي العسكري أو يحمل سلاحًا في ساحة المعركة، بل كان يجلس خلف المكاتب، يدير بعقله البيروقراطي أكبر عمليات التهجير القسري والقتل المنظم في التاريخ الحديث.

لم يكن قائدًا كاريزميًا أو منظرًا سياسيًا، بل كان موظفًا “ملتزمًا” يرى عمله واجبًا إداريًا، حتى وإن كان هذا العمل يتضمن تنظيم إبادة ملايين البشر.

من موظف إلى مهندس للموت

وُلد أدولف آيخمان عام 1906، وانضم بعد ذلك إلى الحزب النازي، حيث برز اسمه في وحدات الـ SS، ليصبح أحد المسؤولين الرئيسيين عن تنفيذ الحل النهائي، وهو الخطة النازية لإبادة يهود أوروبا.

كان آيخمان مسؤولًا عن تنظيم قطارات الترحيل التي نقلت مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى معسكرات الموت، وعلى رأسها أوشفيتز.

لم يشارك في القتل المباشر، لكنه كان المنسق البارد والدقيق لكل ما يجعل ذلك ممكنًا.

“الشر العادي”

بعد انتهاء الحرب، هرب آيخمان إلى الأرجنتين، لكن في عام 1960 تم القبض عليه سرًا من قبل الموساد الإسرائيلي، ونُقل إلى القدس لمحاكمته.

أثناء محاكمته، كانت الفيلسوفة الألمانية اليهودية حنة آرندت حاضرة، وكتبت سلسلة تقارير شهيرة نشرتها لاحقًا في كتابها “آيخمان في القدس: تقرير عن تفاهة الشر”

آرندت صُدمت من الرجل، لم يكن وحشًا دمويًا، بل بيروقراطيًا تقليديًا، يتحدث بهدوء، ويدافع عن نفسه بأنه “كان ينفذ الأوامر فقط”.

ومن هنا أطلقت آرندت مصطلح “تفاهة الشر”، لتشير إلى أن الشر لا يأتي دائمًا في صورة درامية، بل أحيانًا يظهر على هيئة موظف منضبط يقتل بالأوامر، لا بالقناعة.

هل كان مجرد منفذ؟

محامي آيخمان في المحاكمة حاول تصويره كحلقة ضعيفة، مجرد ترس صغير في آلة ضخمة.

لكن الوثائق والشهادات أثبتت أنه كان أكثر من ذلك بكثير، حيث كان يبتكر حلولًا لوجستية لتسريع الإبادة، ويعقد اجتماعات، ويقترح أساليب أكثر فاعلية لترحيل اليهود، بل وأظهر حماسًا واضحًا في أداء دوره.

آيخمان لم يكن مجرد منفذ، بل كان موظفًا مثاليًا في نظام غير إنساني، ينفذ دون تفكير في العواقب، ويجد مبررات لكل فعل.