اكتشفوا آخر حوار مع سميحة أيوب سيدة المسرح العربي في بوابة مولانا

اكتشفوا آخر حوار مع سميحة أيوب سيدة المسرح العربي في بوابة مولانا

في مشهد مفعم بالحزن في الوسط الفني والثقافي، فقدت مصر والعالم العربي واحدة من أعمدة المسرح والدراما، الفنانة القديرة التي رحلت عن عالمنا صباح اليوم الثلاثاء، بعد مسيرة فنية وإنسانية استمرت لأكثر من سبعين عامًا.

سادت أجواء الحزن العميق بين الفنانين والمبدعين والجمهور الذين ارتبطوا بأعمالها الخالدة، فلم تكن مجرد ممثلة بل كانت رمزًا للفن الرفيع والصوت الذي نطق باسم المسرح المصري في أزهى عصورها.

وبرحيلها، فقدت الساحة الفنية أيقونة نادرة جمعت بين الموهبة الفذة والرؤية الثقافية والإدارية الواعية، إذ تركت بصمة لا تُنسى سواء على خشبة المسرح أو خلف كواليسه، حيث كانت أول امرأة تدير المسرح القومي المصري.

عبر العديد من الفنانين عن حزنهم العميق لفقدان “سيدة المسرح العربي”، مستذكرين مواقفها الداعمة، وأدوارها التي أثرت الوجدان العربي لعقود.

آخر حوار لـ سميحة أيوب سيدة المسرح العربي

تحدثت الفنانة القديرة سميحة أيوب لـ “بوابة مولانا” عن مشوارها وكشفت العديد من الحكايات من تاريخها ورؤيتها للمستجدات على الساحة الفنية، وتحدثت عن “التريند” وما أفرزه في المجتمع، وأي الألقاب كانت محببة لها، وخاصة لقبها الشهير “سيدة المسرح العربي” في آخر حوار صحفي لها قبل رحيلها، والذي أجرته “بوابة مولانا” أثناء فعاليات مهرجان شرم الشيخ للمسرح، وإلى نص الحوار:

■ حدثينا عن حرصك على حضور فعاليات مهرجان “شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي” في دورته الثامنة؟

– أنا الرئيس الشرفي للمهرجان، وقد وُلد على يدي، يمثل لي كابن، أشاهده كل دورة يكبر وينضج أكثر، وأتعامل معه كطفل، ومع مرور الوقت يصبح أكثر إدراكًا لكل الأمور، وتفكيره أكثر نضجًا.

■ ما الصعوبات التي واجهتك لتأسيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي؟

– الأمر يتطلب جهدًا، ويجب بذل المجهود دون بخل، مع ضرورة معرفة ما الفائدة التي يوفرها المهرجان للشباب، إذ يستقبل عروضًا مسرحية من جميع أنحاء العالم، مما يخلق حوارًا حيًا بين جميع الأطراف، وتبادل الخبرات، وتأسيس الورش، ويتيح للمهرجان الانفتاح الحضاري والثقافي والسياسي، من كافة النواحي.

■ في رأيك.. كيف حال المسرح الشبابي في مصر حاليًا؟

– إذا تحدثنا عن المسرح الشبابي، أرى أن تطوره يعتمد على الشباب أنفسهم، إذا كانوا يحبون المسرح أم لا، فإذا أحبوه، سيبذلون المجهود من أجله، لأن المسرح إذا أحبه الممثل، يصبح هو من ينفق أمواله عليه، لكن حاليًا يسعى الشباب إلى الشهرة وجمع المال من الأعمال الفنية، وحتى إذا بحثنا الآن، لن نجد أسماء قوية في المسرح، وفنانو المسرح يصبحون مثل الشهب، الذين يلمعون لفترة ثم ينتقلون إلى مجالات عمل أخرى.

■ في الفترة الأخيرة، رأينا الشباب الراغبين في الشهرة يلجأون للسوشيال ميديا ثم يقتحمون مجال التمثيل.. ما رأيك؟

– السوشيال ميديا شيء “سخيف جدًا”، وربما هي سلاح ذو حدين، أحيانًا يتخذها البعض منصة للتعبير عن آرائهم، ولكن البعض الآخر يستخدمها للتجريح و”شتيمة” بعض الفنانين، لذلك أصبحت لا أصدق ما يُقال أو يُذاع من خلالها، وأصبحت مفتقدة للمصداقية، صحيح أن بعض الشباب يحققون الشهرة من خلالها، لكن الموهبة تظل هي الأهم، ولن تُخلق بواسطة السوشيال ميديا.

■ كيف ترين المخرج الذي يقرر الاستعانة بأحد مشاهير السوشيال ميديا بدلًا من شباب المسرح؟

– لا أعتقد أن هناك “مخرج محترم” يأخذ ممثلين من “التيك توك”، إلا إذا كان الممثل موهبة فذة، حينها يجب على المخرج التقاطها واحتضانها وتمرينها، وإعطاء صاحب أو صاحبة الموهبة الدور المناسب، ولكن يجب ألا يكون كل التركيز على “التيك توك” أو منصات التواصل الاجتماعي بشكل عام.

■ مصطلح “التريند” ماذا يمثل لكِ؟

– كلمة “التريند” مُستحدثة وفجّة، وأنا لا أحبها.

■ إذا تحدثنا عن ذكريات سميحة أيوب مع المسرح الحديث.. ما الموقف الراسخ في ذهنك من هذه الفترة؟

– عندما توليت أمور المسرح الحديث، كنت غير راضية، ونويت تقديم استقالتي بعد 4 أو 5 أيام، وفي اليوم الرابع فوجئت بعبورنا خط بارليف، حينها قررت أن الفن يجب أن يكون “جبهة” مثل جبهة الحرب، وأخرجت للنور سهرة “مدد مدد شدى حيلك يا بلد”، خلال 48 ساعة، وخلقت بها روحًا جميلة جدًا، فالمكان لا يخلق إنسانًا، بل العكس، الإنسان هو الذي في يده كل شيء، فقط إذا عرف قدراته وحدد نقاط قوته وضعفه وعمل عليها.

■ هل توافقين على التمثيل دون مقابل أو أنفقتِ أموالك على المسرح؟

– طوال حياتي أوافق على التمثيل المسرحي دون عائد مادي، أو بشكل عام أحصل على أجر رمزي، وكل المسرحيات التي قدمتها كانت بين “اليونانيات” و”الشعر” وكل الروافد الفنية، لي تجارب متعددة وثرية، وأحمد الله على ذلك.

■ أي المسرحيات شاركتِ فيها وتمنيتِ لو كانت مُصورة وتعرض في التلفاز؟

– الكثير من المسرحيات كنت أتمنى لو أنها وُثِّقت تلفزيونيًا، وأتضايق جدًا من هذه الفكرة، مثل “الندم” عن سارتر، و”الفتى مهران” تأليف عبدالرحمن الشرقاوي، وغيرها من الأعمال المسرحية المتعددة، وهي خسارة للجمهور الذي لم يشاهد هذه الأعمال الهامة.

■ ماذا يحتاج المسرح حاليًا لإنتاج مثل هذه الأعمال القوية؟

– يحتاج إلى فنانين أو ممثلين يؤمنون بعملهم وبأنفسهم، ويبذلون كل طاقتهم من أجل المسرح ويحترمونه، ولا شيء يحدث دون تعب.

■ أي الألقاب التي أُطلقت عليكِ مُقرب لقلبك؟

– لا أحب أي لقب إلا اسمي فقط سميحة أيوب، وحقيقة أنا لم أطلق على نفسي أي لقب، لكن اللقب الذي أُطلق عليّ “سيدة المسرح العربي”.

■ ما حكاية لقب “سيدة المسرح العربي”؟

– هذا اللقب قاله لي لأول مرة الرئيس حافظ الأسد، عندما منحني وسام الاستحقاق، ناداني على المسرح وقال “تقدمي يا سيدة المسرح العربي”، وبعدما غادرت القصر الجمهوري في سوريا، أصبح كل من في الشارع من الجمهور ينادونني “يا سيدة المسرح العربي”.

■ لماذا تشعرين أن حرب أكتوبر لم تُوثق في السينما والدراما بالقدر الكافي؟

– ذلك ليس وجهة نظري أنا فقط، لأن توثيق حكايات الحرب يحتاج لأموال، ويجب التدخل من الحكومة، كما كان يحدث في السنوات السابقة، حيث كانت الحكومة تتدخل في الإنتاج، مثل فيلم “السمان والخريف”، و”ميرامار”، و”شيء من الخوف”، وغيرها من الأعمال الفنية، لذلك يجب أن تدخل الحكومة وتنتج فيلم درامي توثيقي عن حرب أكتوبر، تكفي حكاية “خط بارليف” فهي تحتاج لمليون قصة لتوثق مجهودهم.

■ في بدايات سميحة أيوب.. مَن دعمك أو ساعدك لتصلي إلى النجومية؟

– في الحقيقة سندني اجتهادي، لم أجد أحدًا بجانبي، ولم أكن محتاجة لأحد، كنت فقط أبذل مجهودًا في التمثيل والمسرح وأفني حبّي للفن.

■ كيف طورتِ موهبتك في بدايتك؟

– يعود ذلك للعديد من العوامل بين الدراسة وجدية الفن.

■ مَن الفنان الذي اكتشفته سميحة أيوب أو تنبأتِ أنه سيكون له مستقبل مُشرق؟

– كثير من الفنانين اكتشفتهم، مثل محمود ياسين، والعديد من المخرجين والمؤلفين، مثل شاكر عبداللطيف، فوزي فهمي، وغيرهم كُثر.

■ عندما تحقق سميحة أيوب إنجازًا جديدًا.. مَن الصديقة التي تُسرعين بإخبارها؟

– “معنديش العادة دي”، أنا لست ثرثارة، أنا أسكت وأفكر وأطرح تفكيري على صديقة أو صديق، ومن المُقربين مني سميرة محسن، وسميرة عبدالعزيز، ومديحة حمدي، وآمال بكير.

■ مَن الصديقة التي تفتقدينها؟

– نادية لطفي.. أفتقدها كثيرًا، وكان لي معها حكايات كأننا “عِشرة” 35 عامًا.

■ ما تعليقك على وجود اسم سميحة أيوب بمعلومات غير دقيقة في مناهج الصف السادس الابتدائي؟

– الخطأ كان شيئًا واحدًا، بدلًا من خريجة معهد التمثيل، كتبوا خريجة معهد السينما، وهي كلمة واحدة، ربما فقط “غلطة مطبعية”، وليست جريمة كُبرى، سعدت لأن التفكير ارتقى من جهة وزارة التربية والتعليم التي قررت أخذ الفنان مثالًا، وهذا برهان على الرُقي، لذلك أنا “اتبسطت” بالرُقي والتطور، وفي النهاية أنا سعيدة.

■ الجمهور قلق بشأن صحتك.. ما طبيعة حالتك الصحية؟

– أعاني من وعكة صحية، وآلام الظهر والانزلاق الغضروفي، وذلك بسبب اقتراب فصل الشتاء، وكذلك التقدم في العمر.

■ هل تخططين لعمل جديد قريبًا؟

– لا.. أنا في حالة راحة هذه الفترة.

اقرأ أيضًا:

قد يهمك أيضاً :-