مشروع صيني عملاق يتعرض للإهمال والجزائر تتطلع لشراكة استراتيجية مع فرنسا

مشروع صيني عملاق يتعرض للإهمال والجزائر تتطلع لشراكة استراتيجية مع فرنسا

ذكرت صحيفة “لوبينيون” الفرنسية أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اتخذ قرارًا بالتخلي عن مشروع ميناء الحمدانية العملاق الذي كان من المقرر إنجازه بالتعاون مع شريك صيني، وذلك في إطار خطة لتطوير الموانئ الحالية في البلاد بالتعاون مع العملاق الفرنسي “سي إم آ سي جي إم” المتخصص في شحن الحاويات، والذي يملكه رجل الأعمال الفرنسي اللبناني رودولف سعادة.

وحسب تقرير للصحافي باسكال أيرو في نفس الصحيفة، والذي كان قد حاور الرئيس تبون قبل أشهر، فقد تم إلغاء مشروع ميناء الحمدانية الذي يقع في ولاية تيبازة شمال وسط الجزائر، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في تكلفته منذ إطلاقه في فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وأشار التقرير إلى أن الجزائر قررت اتباع نهج أكثر واقعية من خلال تطوير بنيتها التحتية البحرية بتكلفة معقولة، بدلاً من استنزاف ميزانيتها في مشروع كانت كلفته متوقعة بين 3.3 و5 مليارات دولار.

وكان من المفترض تمويل المشروع جزئيًا عبر بنك التصدير والاستيراد الصيني، من خلال شركة “SPA Hamdania” بشراكة 51% جزائرية و49% صينية، وكان من المخطط تنفيذ المشروع خلال 7 إلى 10 سنوات مع تشغيل جزئي بعد 4 سنوات من بدء الأعمال.

متابعو الموقع يشاهدون:

ميناء الحمدانية.. مشروع عملاق طُوي صفحته

يمتاز موقعه بعمق مائي يتجاوز 20 متراً، مما يجعله قادرًا على استقبال أضخم السفن في العالم، على عكس معظم الموانئ الجزائرية الحالية التي لا يتجاوز عمقها 12 متراً.

وقد بدأ المشروع في عام 2015 بشراكة مع شركتين صينيتين: “CSCEC” و”CHEC”، وكان يهدف إلى جعل الجزائر مركزاً لوجستياً يربط بين إفريقيا وأوروبا وآسيا

ويمتد المخطط على 3100 هكتار، منها 1200 للميناء و1900 لمنطقة صناعية لوجستية مرتبطة بشبكات الطرق والسكك الحديدية.

وتضمن تصميم الميناء 23 رصيفاً موزعة على أقسام مختلفة، مع طاقة استيعابية تصل إلى 6.5 مليون حاوية و25.7 مليون طن من البضائع سنويًا.

وكان من أهدافه تقليص مدة الشحن نحو جنوب شرق آسيا إلى أقل من 20 يومًا، بدلاً من 33 يومًا عبر الموانئ الأوروبية.

شريك جديد في استراتيجية بحرية جزائرية

بدلاً من مشروع شرشال الصيني، تتجه الجزائر نحو شراكة مع “سي إم آ سي جي إم” الفرنسية، لتطوير الموانئ الحالية وزيادة قدراتها اللوجستية والملاحية.

وتندرج هذه الخطوة ضمن استراتيجية تهدف إلى تحويل الجزائر إلى مركز إقليمي للنقل البحري بين أوروبا وإفريقيا.

وفي هذا السياق، استقبل الرئيس تبون في 2 جوان المدير العام للمجموعة سعادة، التي تحتل المرتبة الثالثة عالميًا في شحن الحاويات.

تمتلك المجموعة أسطولاً يضم 664 سفينة وبطاقة تشغيلية تصل إلى 3.88 مليون حاوية مكافئة، مما يمنحها 12.7% من السوق العالمي.

ورغم عدم توقيع اتفاق رسمي بعد، فإن مصادر الصحيفة الفرنسية أكدت أن “كل شيء نوقش”، والمجموعة تأمل التوصل لاتفاق قبل سبتمبر المقبل.

تغطي “سي إم آ سي جي إم” نشاطاتها أكثر من 160 دولة وتربط نحو 420 ميناء عالميًا، مع حلول نقل متكاملة بحرية وبرية وجوية وخدمات إدارة موانئ.

مشاريع فرنسية طموحة واستثمارات ضخمة قادمة

أعرب سعادة عن ثقته الكبيرة في قدرات الجزائر، قائلاً: “سنتقدم رغم التحديات، ولدينا طموحات قوية في مشاريعنا المشتركة”

تعتزم المجموعة الفرنسية ضخ مئات الملايين من اليوروهات لبناء محطات حاويات حديثة وتحسين الأنظمة اللوجستية.

كما تدرس إمكانية الحصول على إدارة كاملة لأحد الأرصفة الكبرى في الجزائر، ضمن استثمارات متوسطة المدى قد تصل لمليارات اليوروهات.

نقلت صحيفة “لوفيغارو” أن المجموعة تفكر في إنشاء خط شحن بحري بين مرسيليا ووهران عبر شركة “لا ميريديونال”، مما سيوفر أكثر من 2000 فرصة عمل مباشرة.

تتواجد حاليًا “سي إم آ سي جي إم” في تسعة موانئ جزائرية أبرزها الجزائر العاصمة، بجاية، وعنابة، وسكيكدة، وتسعى للحصول على إدارة محطة استراتيجية.

ازدحام في الموانئ الجزائرية وخطط عاجلة للتوسعة

تشهد الموانئ الجزائرية، خاصة في العاصمة ووهران، حالة ازدحام متزايدة نتيجة تراجع العبور بقناة السويس وتحول جزء من حركة التجارة.

تصل فترات انتظار تفريغ الحاويات أحيانًا إلى عشرة أيام، مما دفع الحكومة لتوسعة الأرصفة إلى عمق 17 متراً ودراسة إنشاء أرصفة جديدة في عرض البحر.

أكد المصدر ذاته أن الجزائر تحضر لإطلاق جديدة بين مرسيليا من جهة، ووهران وعنابة من جهة أخرى، عبر شركة “لا ميريديونال”.

وفي سياق متصل، توسّع الحكومة ميناء سكيكدة المخصص للمحروقات، وميناء عنابة عبر بناء رصيف لتصدير الفوسفات باتجاه الأسواق الإفريقية.

تهدف هذه المشاريع إلى تقوية صادرات الجزائر عبر السكك الحديدية والطرق البرية إلى جانب المسارات البحرية نحو القارة الإفريقية.

يُشار إلى أن السلطات الجزائرية لم تؤكد هذا القرار حتى وقت كتابة هذه الأسطر.

قد يهمك أيضاً :-