سوهاج تشرع في احتفالاتها بعيدها الوطني بمناسبة ذكرى معركة “جهينة”

تحتفل محافظة سوهاج بعيدها القومي في ١٠ أبريل من كل عام، وهو اليوم الذي حقق فيه أبناءها انتصارًا على الحملة الفرنسية خلال معركة جهينة عام ١٧٩٩. حيث تصدى السكان المحليون لقوات الاحتلال الفرنسي التي هاجمت عدة مدن وقرى في سوهاج وطهطا والصوامعة، لتنتشر المقاومة في جميع أنحاء المحافظة مُشكلة درعًا واقيًا أمام تعزيزات الحملة القادمة من أسيوط خلال معركة «جهينة»، مما أجبر الحملة بأكملها على التراجع من مدن وقرى المحافظة.

وقد قام اللواء عبد الفتاح سراج، محافظ سوهاج، برفقة اللواء صبرى صالح عزب مدير الأمن، والعميد نادر نبيل المستشار العسكري للمحافظة، بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري للشهداء، بحضور الدكتور محمد عبد الهادي نائب المحافظ، واللواء أحمد السايس السكرتير المساعد، بالإضافة إلى عدد كبير من القيادات الأمنية والتنفيذية والشعبية، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وممثلي الجمعيات الأهلية، وطلائع الشباب.

بدأت المراسم بعزف «السلام الجمهوري»، تلاه دقيقة وقوف لتحية أرواح الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأنفسهم من أجل رفعة الوطن وحمايته. وأعرب المحافظ عن اعتزازه وتقديره لتضحيات شهداء مصر في سبيل أمن واستقرار البلاد، مشددًا على أن العيد القومي للمحافظة هو مناسبة لتجديد العهد على مواصلة البناء والتنمية، واستلهام روح الكفاح من أبناء سوهاج الأوائل الذين تصدوا بكل قوة لقوات الغزو الفرنسي وتمكنوا من هزيمتهم وإجبارهم على التراجع.

وأشار اللواء عبد الفتاح سراج إلى أن المحافظة تشهد حاليًا طفرة تنموية في مختلف القطاعات، بفضل توجيهات القيادة السياسية وحرص الدولة على تحقيق التنمية المتوازنة في جميع المحافظات، مؤكدًا أن التضحيات التي قدمها الشهداء ستظل محفورة في وجدان المصريين.

لوحة توضح تصدي أبناء المحافظة للغزو الفرنسي.

وأكد اللواء صبرى عزب مدير الأمن أن ذكرى العيد القومي تُعتبر دافعًا لمواصلة العمل الأمني بكفاءة ويقظة، للحفاظ على أمن واستقرار المجتمع، مُشيدًا بروح التعاون بين رجال الشرطة والمواطنين.

وفي ختام المراسم، قام المحافظ بتوزيع ٢٠ جهاز «عروسة» على المستحقين من حالات التضامن الاجتماعي، وذلك في حديقة الديوان العام للمحافظة.

أما حول احتفال محافظة سوهاج بعيدها القومي في هذا التاريخ، فعلق الدكتور كريم مصلح، أستاذ التاريخ وعميد كلية الآداب الأسبق بجامعة سوهاج، بأن المؤرخ عبد الرحمن الرافعى، في حديثه عن تاريخ الحركة القومية في مصر، ذكر أن قائد الحملة الفرنسية إلى صعيد مصر، الجنرال «دافو»، قد أمر القائد «موراند» بشن هجوم على قرية «برديس» بمركز البلينا في السادس من أبريل ١٧٩٩، فتجمع الأهالي والقبائل العربية وسكان القرى المجاورة وتقاتلوا في معركة شرسة ضد الفرنسيين، مما أجبرهم على التقهقر إلى جرجا. وللحفاظ على ما تبقى من مواقع الحملة الفرنسية، كانت معركة جرجا في السابع من أبريل، والتي شهدت معارك طاحنة بين ٣ آلاف مواطن تجمعوا من سكان المنطقة وعرب الحجاز والمماليك وبين القوات الفرنسية بكل عتادها وأسلحتها، حيث سقط العديد من القتلى والمصابين بين صفوف الجنود الفرنسيين.

ويضيف الدكتور مصلح أن الرافعى ذكر أن مقاومة هذه القرى جعلت ثورة الأهالي تمتد إلى طهطا حيث استولوا على الحكم القائم فيها. وقد طلب الفرنسيون تعزيزات لقمع ثورة الأهالي في القرى المجاورة، فأقبل الضابط «لاسال» بجنوده قادماً من أسيوط، وكانت معركة جهينة يوم العاشر من أبريل ١٧٩٩ حيث واجه الثوار في جهينة، وشهدت ساحات القتال والحصون المختلفة معارك طاحنة بين الجانبين. وقد ساعد أهل جهينة في هذه المعركة الطويلة خبرتهم في حروب الصحراء وقدرتهم على التحمل؛ وسقط الشهداء واختلطت الدماء بالرمال، وتوقفت المدافع صاغرة وامتلأت الشوارع بجثث الفرنسيين، مما اضطر جنود الحملة إلى مغادرة جهينة والانسحاب من سوهاج، حيث لم يحققوا النصر نتيجة المقاومة العنيفة وثورة الأهالي.

وبهذه المناسبة، خلدت محافظة سوهاج تاريخ العاشر من أبريل ليصبح عيدها القومي الذي تحتفل به كل عام، وتستلهم منه روح البطولة والفداء، مؤكدة على الدور العظيم لأبنائها في مقاومة الاحتلال.