مع تفاقم أزمة الرسوم الجمركية الأمريكية.. هل سيشهد الدولار انهيارًا عالميًا؟

تعتبر أزمة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على 180 دولة حول العالم نقطة تحول كبيرة في الاقتصاد العالمي، وستؤثر بشكل كبير على الوزن النسبي للدولار الأمريكي في حركة التجارة العالمية.

وفي مدينة مونتريال الكندية، التي تُعتبر العاصمة المالية لكندا، لا يُسمع صوت سوى صوت التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على كندا بنسبة 25%، مما يؤثر على معدلات النمو الاقتصادي ومستوى معيشة المواطنين بشكل تدريجي.

إن فرض رسوم جمركية على السلع التي تصل إلى كندا يُعتبر دافعًا لتراجع معدلات الطلب عليها نظرًا لارتفاع أسعارها، مما يشجع المواطنين الكنديين على شراء منتجات محلية أرخص، وهو ما يعزز نمو الاقتصاد المحلي. ومع ذلك، تظل المخاوف بشأن ارتفاع الأسعار هي الأهم بالنسبة للمواطن الكندي.

تأتي كندا في المرتبة التاسعة عالميًا من حيث إجمالي الناتج المحلي، حيث يصل إلى 2.2 تريليون دولار، ويقدر عدد سكانها بحوالي 41 مليون مواطن يعيشون على مساحة تبلغ نحو 9.9 مليون كيلومتر مربع.

سجل الدولار الكندي ارتفاعًا أمام نظيره الأمريكي خلال الأيام الماضية ليصل إلى 1.38 للدولار.

ثبت بنك كندا المركزي يوم الأربعاء الماضي سعر الفائدة الرئيس المعدل عند 2.75%، وهي المرة الأولى التي يبقى فيها على سعر الفائدة دون تغيير بعد سبع تخفيضات متتالية منذ يونيو الماضي، بسبب الحرب التجارية العالمية المتغيرة التي تخوضها الولايات المتحدة.

تزداد حالة الضبابية تجاه المستقبل في ظل تسارع وتيرة الحرب التجارية على الصعيد العالمي، مما يدفع البنوك المركزية إلى توخي الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة وسط مخاوف من ارتفاع التضخم.

من المتوقع أن يشهد الدولار الأمريكي تراجعًا تجاه حركة العملات الأجنبية الرئيسية، بالإضافة إلى اعتماد تجمعات اقتصادية دولية على عملات أخرى في عمليات التبادل التجاري وتسوية المدفوعات الدولية.

يعتبر الدولار الأمريكي أكثر عملات العالم تداولًا في التجارة الدولية، وكعملة احتياطيات، حيث تتم %88 من تعاملات النقد الأجنبي حول العالم بالدولار، ويمثل نحو 55% من احتياطي العملات العالمية، ويُعتبر أهم عملة تتكون منها سلة العملات في احتياطي النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية.

كما تراجع الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى الرئيسية مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني بنسب تتراوح بين 1% و3%، في ظل حالة من عدم اليقين تجاه مستقبل الاقتصاد العالمي ورغبة العديد من الدول في تقليل الاعتماد على الدولار في التجارة الثنائية.

قبل أيام، وجه البنك المركزي الصيني دعوة للبنوك الحكومية للحد من شراء الدولار الأمريكي، وهو ما يُعتَبَر أداة لتقليل التعامل بالدولار.

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية أعلى من المتوقع على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما أدى إلى انخفاض الدولار مقابل العملات الرئيسية على مدار الأسابيع الماضية.

من المتوقع ارتفاع أسعار أوقية الذهب إلى مستويات قياسية، لتصل من 3300 دولار حاليًا إلى 3500 دولار خلال أشهر قليلة نتيجة أزمة الرسوم الجمركية ولجوء المستثمرين إلى ملاذات آمنة مثل الذهب.

يعود أصل تسمية الدولار إلى كلمة “Thaler”، وهو الاسم الذي كان يُطلق على العملات المعدنية التي أُصدرت للمرة الأولى في عام 1519 من الفضة المستخرجة محليًا في إحدى المدن في جمهورية التشيك.

تدريجيًا، أصبح الدولار أهم عملات العالم بعد صعود الولايات المتحدة كقوة عظمى عقب الحرب العالمية الثانية عام 1945.

تعتبر قوى السوق وآليات العرض والطلب هي الأساس في تحديد أسعار المنتجات والخدمات والعملات في اقتصاد السوق الحر. في سوق الصرف، يتحدد المعروض من الدولار وفقًا لمستوى الاحتياطيات الداخلية لكل بنك، بالإضافة إلى تنازلات العملاء عن العملات عبر بيع ما بحوزتهم من عملات لفروع البنوك. يتحدد السعر وفقًا لحجم الطلب من الأفراد والشركات، وهو ما يتغير على مدار اليوم داخل البنك الواحد.

تقوم غرفة المعاملات الدولية داخل كل بنك بإدارة تسعير العملات العربية والأجنبية، وتتواجد في المقر الرئيسي لكل بنك. عبر النظام الداخلي، يتم إخطار شبكة الفروع بأسعار العملات مقابل العملة المحلية بناءً على مستويات السيولة والمعروض، وحجم الطلب. تعرض تلك الأسعار على شاشة مخصصة تحدث دوريًا داخل كل فرع.

تظل الأزمات الاقتصادية والتجارية تحديًا مستمرًا تؤثر على الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي على الصعيد العالمي، مما يفرض على الحكومات والبنوك اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة للتكيف مع التغييرات الحاصلة.